القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة نقدية فورية محليةالدكتور محمد عبد الناصر صقر

قراءة نقدية فورية محلية


صادرة من المحاضر اللغوي بجامعة الأزهر الناقد الأدبي الدكتور محمد عبد الناصر صقر عن رواية الأديب رياض المندراوي المعنون لها(ثلاثة من السماء):

بذل السلام للعالم كله غاية منشودة ورجاء مستطيل حقيق على أن لا يغفل عنه رواد الكلمة عبر الأطروحات الأدبية منها والعلمية؛ وقد كانت الشرائع السماوية مبنية على الرحمة والأمن والسلام، ومهما يكن من مظاهر البطش والعنف التي يمكن أن تكون صادرة من أدعياء ينتسبون إلى الأديان السماوية الثلاثة؛

فإن فهمهم للوحي مختل بحيث يستغلون النصوص لتحقيق مطامعهم السياسية دون نظر إلى جوهر الدين الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ من أجل ذلك كتب الأستاذ رياض الرواية التي تجدها منصبَّةً على بيان وجه الحقيقة وتبيينها دون انحراف أخلاقي بحيث تجد أن المعيار الأول الذي دعت الرواية إليه هو السمو الروحي والرقي الأخلاقي.. 

العنوان والغلاف:

يعد العنوان محرابًا يولي القارئ وجهه شطره للكشف عن طبيعة العمل الأدبي وهو من المعالم التي يجب النظر فيها وهو مما يجذب القارئ أو ينفّره، والعنوان موجزٌ يوحي بدلالته التي هي قطب رحى الرواية.. والغلاف فيه ثلاثة أقنعة سوداء تتصل بثلاثة أشعة تنزل من السماء تشير إلى ثلاث شرائع مصدرها واحد وغايتها واحدة هي هداية الناس الصراط المستقيم إلا أن تلقي الناس للنور السماوي يعدل عن كنهه فبدت الأقنعة منكوسة سوداوية.. وهذا اختيار ممتاز للغلاف فهو مبينٌ عن المراد بالصورة القياسية.. 

الأشخاص:

يمكن تمييز نوعين منهم في الرواية فهناك الأشخاص الرئيسيون وهناك الفرعيون وهم كثيرون في الرواية فتجد أن الصفحة الواحدة متعددة الشخصيات غالبا ومع ذلك فإن القارئ يمكنه تحديد الأشخاص المؤثرين في الرواية وهم بنيامين الذي يتقاتل مع خالد فيقتلان وشمعون الذي يقتله بنيامين أيضا بعد أن اعترف بتدبير بنيامين لمقتل العمدة ومن الأشخاص المؤثرين في الرواية (رجل العصا) وهو الشيخ الحكيم الذي هبطت الطائرة في جزيرته وجرت فيها أحداث الرواية.

الأحداث: لا يمكن تحديد زمكان الرواية بما يجعلها ذات موطن محدد فلم يذكر الروائي موطنًا بعينه جرت فيه الأحداث فعندما تعطلت الطائرة برحلة جوية متجهة إلى استراليا وهبطت في جزيرة معزولة لا يعرف سكانها موقعها على الخريطة ولا يمكن الوصول إليها؛ تبدأ الاختبارات الحقيقية في التكيف مع البيئة على تنوع عقيدة السكان فمنهم اليهودي والمسيحي والمسلم ومنهم المعتدل ومنهم المتطرف.. فعندما ألجأهم القدر إلى الموقع المذكور لا يمكن تحديد نوع الزمان أو المكان الذي تجري فيه الأحداث وذلك للرجوع بالمجتمع إلى البيئة الأم التي يحكمها قانون الرحمة والمغفرة والقبول للآخر والاجتهاد في توفير حياة آمنة وصحية فلا يتناحر المجتمع ولا يتقاتل بعرقياته واختلافاته.. ويتمتع القارئ بأنفاس التعاون بين المقيمين بالجزيرة المعزولة زمنًا حتى يرغب المجتمع في اختيار عمدة فيتناحر كل ذوي عصبة ويحدث سفك الدماء الذي حذرهم منه الحكيم الذي سماه الروائي برجل العصا. 

الرمز في الرواية:

رجل العصا هو صوت الحكمة الناصعة فقد سأل أصحاب الأديان الثلاثة عن الإله الذي يعبدونه فذكروا أنهم يعبدون الله عز وجل؛ فاختبرهم الحكيم بأفعالهم التي يراها منهم لكي يتبع أصحاب العقيدة الصحيحة فوجد أنهم جميعا لا يتقون الله عز وجل حق تقاته.. بينما تأتي الحكمة الخالصة في ختام الرواية بأن العيب في الأشخاص لكن الدين الحقيفي فهو يأمر أتباعه بالمعروف وينهى عن المنكر وتلك هي غاية الرواية التي تستحق القراءة والنقد بعناية

الدكتور/ محمد عبد الناصر صقر

تعليقات